بلغ عدد الضحايا الصحفيين ومساعديهم في الحرب الإسرائيلية على غزة وجنوب لبنان منذ يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى يوم 1 مايو/أيار 2024 97 قتيلًا، (من إجمالي 99 قتيلا حول العالم)، منهم 92 فلسطينيًا، و3 إسرائيليين، و2 من لبنان، بحسب تقرير نشرته لجنة حماية الصحفيين على موقعها الإلكتروني يوم الأربعاء، 1 مايو/أيار من العام الجاري. وفي الجدول التالي، إجمالي ضحايا العدوان الإسرائيلي:
- عدد الصحفيين القتلى (97)
- عدد الإصابات بين الصحفيين (16)
- عدد الصحفيين المعتقلين (25)
- عدد الصحفيين المفقودين (4)
ولم تقف انتهاكات الاحتلال عند قتل الصحفيين واعتقالهم، بل تجاوزتهم لتطال عائلاتهم، إذ قتلت قوات الاحتلال عشرات من أفراد عائلات الصحفيين، مثل القتل الذي طال أسرة مدير مكتب الجزيرة على مرحلتين فقد فيها زوجته وابناءه وحفيدته.
الحال في ليبيا
وليس بعيدا، أشارت تقارير منظمات حقوقية دولية مثل هيومن رايتس ووتش وأمنستي إنترناشونال إلى انتهاكات طالت حرية التعبير في بلدنا ليبيا خلال عام 2023. واعترض خبراء أمميون في القانون الدولي على القانون رقم (5) لسنة 2022 بشان مكافحة الجرائم الإلكترونية الذي أقره مجلس النواب؛ بسبب تضييقه على حرية التعبير ومنحه صلاحيات واسعة للسلطات التنفيذية، ما يقود إلى اتساع رقعة انتهاك حقوق الصحفيين إلى جانب غيرهم من الناشطين في المجال المدني.
انحياز شبكات الأخبار الدولية
ولكن هناك وجه آخر لانتهاك حرية الصحافة كان الجاني فيه هي وسائل الإعلام ذاتها فخلال عامي 2023 و2024، وقعت العديد من كبرى شبكات الإعلام العالمية في انحيازات واضحة في تغطيتها للنزاعات الدولية، كما ظهر ذلك في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إذ تشير التقارير المختصة إلى أن الإعلام الغربي اتسم بالميل إلى الرواية الإسرائيلية، وقدم الإسرائيليين بصفتهم ضحايا في مقابل التجاهل أو التقليل من شأن الأضرار والخسائر الفلسطينية.
ولتوضيح ذلك فقد خلصت تحليلات مركز الرصد الإعلامي (CfMM) و The Intercept إلى أن العديد من الشبكات الإخبارية الكبرى، مثل The Times وThe Telegraph وBBC، استعملت لغة تتعاطف مع الإسرائيليين أكثر من الفلسطينيين، وغالباً ما تتجاهل سياق المقاومة الفلسطينية، أو تفسيرها بشكل سلبي. ولوحظ تكرار مصطلحات مثل “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” دون منح مثل هذا الحق للفلسطينيين.
وذكرت تقارير متابعة وسائل الإعلام إلى تغطية غير متوازنة فيما يخص الأعمال العدائية، حيث كان هناك تركيز أكبر على الخسائر الإسرائيلية في حين تم تغطية الخسائر الفلسطينية بشكل أقل تفصيلاً وأحياناً بطريقة تفتقر إلى الإنسانية.
ومع استمرار التغطية المنحازة تأثرت النقاشات العامة، وأسهمت في تعزيز خطاب الكراهية والإسلاموفوبيا في بعض الأحيان، حيث تم توثيق زيادة في الحوادث المعادية للمسلمين في المملكة المتحدة، مع تسجيل عدة حوادث لخطاب كراهية وقعت فيها وسائل إعلامية مختلفة، مما يعكس تأثير التغطية الإعلامية المنحازة على تصورات الجمهور وسلوكه.
ما العمل؟
لم يتوقف غالبية الصحفيين الأفراد العاملين في ميادين الحرب والنزاعات من الانحياز إلى الحقيقة، ولم ترهبهم الانتهاكات بالقتل والاعتقال والإخفاء القسري والتضييق عليهم في الوصول إلى أسباب العيش الكريم، وكذا حاولت عديد الشبكات الإعلامية أن تنحاز إلى الحقيقة وإن وقع عديدها في انتهاكات صارخة بالانحياز والترويج لخطاب الكراهية. ولكن تبقى مهمة الصحفي أن يواجه الأخطار في الميدان والتهديدات داخل المؤسسات الإعلامية ذاتها بضمير مستقل؛ من أجل نقل الصورة إلى الجمهور كما هي في الواقع؛ لأن التزامهم بالحقيقة هو الذي يمكن الناس من تحديد قراراتهم تجاه قضايا السياسة العامة، ويؤسس إلى الوعي العام، كما نتابع اليوم المظاهرات والاعتصامات في الجامعات الأميركية والأوروبية وصولا إلى عديد الجامعات العربية، حيث يقود الطلاب حركة وعي ترفض هيمنة النخبة السياسية في العالم، التي لم تعد تلتفت إلى موقف الناس مما يدور في غزة مثلا، وغيرها من القضايا حول العالم.